إلى ميناء سيدي بو سعيد لنتعرف إلى امرأة مثابرة… هي صيادة السمك شريفة النمري غبنة السبعين عاماً… صيادة اختارت البحر مصدراً لرزقها، وبينهما علاقة ودية وحذر من قدر مجهول.
هي ليست كباقي النساء…هي “الرايسة” كما يحلو لها أن تنادى… إمرأة سبعينية كسرت القاعدة منذ أربعين عاماً، واختارت البحر مورداً لرزقها.
بين رجال يستقلون المراكب ويرمون الشباك ويقارعون الأمواج العاتية… وجدت شريفة النمري منذ صباها وبعناد وتحدٍ مكاناً لها في البحر..
تنطلق شريفة في الرابعة من صباح كل يوم نحو بحرها لترمي شباكها فيه… تستقل مركبتها “تيريزا” بحثاً عن رزقها اليومي… إلا أن البحر اليوم غدر بها، فشباكها بقيت خالية على المرسى… وشريفة لن تتمكن في هذا النهار من تأمين قوتها، لأن البحر مزاجي وأمواجه عاندت أمانيها.
البحر في عيون الرايسة ونيس… هو الصديق والعدو… هو من ساندها في الحياة لإعالة عائلتها وواساها، حاضناً حزنها حين فقدت نجلها… وهو أيضاً مصدر الخوف والرهبة.
في عيون الرايسة الكثير من الأسرار… هي تشبه هذا البحر المليء بالألغاز والأسرار…
تسألها عن حزنها… فقط ترمي عيونها في البحر… مع دموع تخبرك كم أتعبتها الحياة…
لا تكترث هي للانتخابات وزحمة المرشحين، ولا يعنيها من السياسة والحكم إلا تأمين حياة أفضل وعيش كريم… هي فعلاً البطلة … فارقناها تاركين خلفنا حكاية امرأة مع البحر… وظلت ماثلة في أذهاننا كامرأة ليست ككل النساء ولا ككل الرجال…